Friday, April 10, 2015

الصغيرة التي بمقاس قلبي








كل الأشياء التي أحبها ، كل البشر والكتب ومشاهد السينما ،وذكرياتي الكثيرة من الفرح واللقطات الحلوة والمشي لساعات طويلة في الشوارع تحت شمس تحبني وأحبها ، فناجين القهوة ، كل ما يبهجني ، كل المفاجآت التي صنعها لي من أحب ، كل الهدايا التي تزين جدران روحي ، كل الأحبة والأصدقاء والأهل يملئون قطعا من قلبي .
لكنها وحدها تملك قلبي كله ، فأتسلل من فراشي ليلا وأقف أمام سريرها الصغير الذي تدور فوقه نجوم وقلوب يتدلى منها   " أسد وزرافة ودبدوب وقرد " ويغزفن لحن يليق على ابتسامتها الصغيرة  .
أحيانا استيقظ قبلها بثوان في اي وقت من الليل ، فأعرف بحدث اختبرته حديثا  هو " قلب الأم" انها ستفتح عينها حالا وتبدأ في بكاء متقطع بحثا عن طعامها ، ربما أنهض من نصف نومي مغمضة العينين فاذهب نحوها لأغير الحفاض في اللحظة المناسبة تماما ، وابتسم لنفسي كيف عرفت انها تحتاج لذلك الآن .
" يسر" التي اهدتني الأمومة ، فعرفت ان كل ما كان قبلها لاشئ ، وأن أكثر لحظاتي صدقا وتجسدا في هذا العالم كانت لحظة مجيئها .. كنت خائفة حد الموت ، أنا التي ترهبني شكة الإبرة ورائحة المستشفيات  ، حاولت ان استجمع شجاعتي وآخذت نفسا عميقا وأخفيت بيدي نصف وجهي بينما يتحرك السرير نحو حجرة العمليات ، كنت اشعر بالدموع تحاول أن تطفر من عيني كنت أقاومها لم ارد أن يراني أبي ومحمد وكل من حضر ذلك اليوم وأنا أبكي قبل دخولي للعمليات .
كنت اقاوم البكاء وعندما اختفوا جميعا من امامي بكيت ، حتى سمعت صوت طبيب التخدير يطلب مني التوقف حتى لا يؤثر ذلك على ضغطي المضطرب أصلا .
تأخرت الصغيرة في الوصول لحجرتي ، وصلت قبلها وقالي لي الجميع أنها حلوة ، محمد وحده جاء جواري وقال لي انها تشبه " حلا " فابتسمت
حلا هي ابنة عمي الأصغر والأحلى في بنات العائلة الصغار ، وكانت فعلا تشبها كثيرا ، يتغير شكلها كل يوم ، أيام أشعر انها نسخة صغيرة من محمد بحركة فمها واستدارت وجهها ، ألمح فيها الأشياء التي أحبها فيه ، وأشم رائحة جسده .
يسر التي أخذت معصم أمي المكتنز الرقيق ، وحركات يدي ، وعيوني .
يسر التي يقول أبوها انها تشبه جدته التي يحبها كثيرا ، وأن رائحتها تشبه رائحة جسدي ، وأنها طفلة لها مذاق الفرح والعيد .
يسر التي فاجئتنا ابتسامتها منذ أيام ، ونظرات تخصنا بها بعدما كانت منذ ولادتها تتامل الحجرة وتحدق ناحية ملائكتها وتبكي .
تعلمت أخيرا ان تبتسم وتنظر ، قلبي الذي يذوب مثل قطعة المرشملو وأنا احتضنها في الصباح ، الفرح الطفولي الذي اشعر به وانا أحملها في الشارع عندما نخرج معا ، أشعر بزهو لم أشعر به في حياتي ، اود ان أخبر كل من اصادف ان تلك الحلوة الصغيرة تخصني ، وأنها لي يمكنني الإحتفاظ بها كل ساعات النهار والليل .

عندما أخرج بها ، أراقب نظرات الناس ، ابتسم لفكرة أنهم يعرفون أني أم لطفلة .. وعندما أهاتف أصدقائي واتحدث مع الجميع أتعمد ان اناديهم باسماء ابناءهم ليردون لي النداء ويقولون " أم يسر" كم هو عذب وملائكي أن أكون أم .
أفكر ما الذي كنت أفوته طوال السنوات الماضية ، واي متعة يمكن أن تضاهي ان اغني لها واحممها وأختار لها الملابس وأطعمها ثم أخفيها في حضني .
عندما تخرج مع أبيها للتطعيم أو لأي مكان اتحسس بطني واشعر أنها لازلت بالداخل ، لا يمكن أن تغيب عن إحساسي بها ابدا انها هنا راقدة جوار قلبي ، هي التي تملك كل قلبي . مثلما سكنت أحلامي منذ سنوات بعيدة .
هي الصغيرة التي تخصني ، والتي جاءت تماما بمقاس روحي  .


Wednesday, January 21, 2015

جسدك خارج الماء



عبرت الكلمات الخمسين ذهني عدة مرات ، شكلت بعض العبارات ، كانت عبارات مغرية ورنانة .. غالبا ما احتاج لعشر كلمات وجملة واحدة مثل تلك لأبدأ نصا مراوغا لا أعرف أين ينتهي ولا لأين سيقودني جنونه ، لكني انزلق في حفرة أليس واستمتع بخفق قلبي مع السقوط ، ذلك السقوط السريع المدوي نحو المجهول حتى ينقذني غالبا نص مهترأ يقف على الحافة بين ما حدث وما لم يحدث مطلقا .
المفتتح الأول راودني بعد ساعات قليلة من خروجي من غرفة العمليات ، في المرة الأولى التي اعتدل فيها للجلوس ويباغتني الدوار لكني أمتلئ برغبة الدق على الأرض والمضي عبر طرقة المستشفى ذات الجدران الوردية ..دور الولادة والطوارئ جدرانها وردية ، ودور الأورام جدرانه خضراء .. لا أعرف كيف تبدو بقية الأدوار لكن حتما هناك جدران زرقاء ولافتات بيضاء مكتوب عليها عبارات في أغلب الأوقات مرعبة لمن لديه " فوبيا مستشفيات " مثلي .
أنا الهشة مثل قطعة كرواسون خرجت من الفرن وبقت للأبد ، دلالة تاريخية على هزيمة الغزاة . القوية مثل حلم يوشك أن يرى النور .
بدى المفتتح الاول مبشرا بنص جيد ، تدفقت أفكاره لكن حالتي الصحية والألم الذي كان يتجول على راحته في جسدي وشغفي بالصغيرة التي تبكي مثل بطة تجرب العوم للمرة الاولى أو مثل وحش صغير يسأل عن ميعاد وجبته .
كان على المفتتح ان يتراجع قليلا في جانب عقلي لكن الأفكار ظلت تتدفق حتى أني بحثت للحظة عن لوحة المفاتيح قبل أن استسلم للصمت من جديد.
في المرة الأولى التي لمست لوحة المفاتيح كتبت الجملة الاولى وحدها – كل هذا الألم ! كل هذا الجمال ! – ثم عاودت صمتي ودوراني في زخم ضوضاء ذاتي ومخاوفي التي بدت عميقة ومحفورة في القلب ، فكرت فيما بعد في جملة احبها لنزار قباني كنت أكتبها كثيرا في كراسات المحاضرات أيام الجامعة مع المزيد من أبيات الشعر كانت الكلمات " لن تتعمدي إمرأة وجسدك خارج الماء "
ظهرت الجملة أمامي وكان لديّ متسع من الوقت والأرق وصوت الصغيرة ونوبات الألم والحزن والفرح والإرتباك لأفكر ، كان لديّ وسط كل الفوضى كل البراح لأفكر .. ما الذي يمكن أن يعمد الفتاة التي في قلبي إمرأة !
وبدى لديّ الماء وقتها غير موفق ، ربما تعمد الدماء النساء .
تبدو الدماء اكثر واقعية ، خطوط الدماء التي تسيل من الجسد والروح هي ما تمنح صكوك العبور .
طالما ابهجتني وأفزعتني تلك الدماء التي اقصدها ، والتي يمنعني كوني أم لصغيرة جاءت للعالم منذ أيام قليلة أن أتمادي في شرحها ، لأستمتع قليلة بدوري كأم محافظة لا تنعت الأشياء بأسماءها الصحيحة ولا تسب الوقائع بما يصفها تماما لأن صغيرة تجلس بالقرب من قلبي تسترق السمع ، وتتعلم وتعلمني معها ضبط دقة قلوبنا معا .
أقول لأبيها ذلك منذ أيام لا تستخدم ألفاظا خارجة في حديثك هناك آنسة صغيرة في البيت .. لكني اشفق عليها من الدماء التي ستعمدها بالغة ، ثم إمرأة تخص رجل ستختاره غالبا لأنها عرفت منذ اللحظة الأولى التي تلاقت فيها عيونهما أن حكاية ستكون بينهما ، رجل سيحنو عليها وسيصلا معا لصيغة تفاهم ومحبة عميقة يثقلها الوقت وإختبار الحياة والثقة في أن احدهم يمسك بيدها وتتكأ هي عليه جيدا
ربما ستفعل ذلك بعد ان تكسر قلبها عدة مرات ، وربما بعد أن تكسر وتحرق معه نصف السفن والأواني وتابلوهات البيت .
ثم يعيدا على مهل بناء كل شئ ، ربما ستحفظ وعدها له كما فعلت أمها في السابق بألا تكتب أبدا عن دماء البدايات .
وستحتفظ أيضا لنفسها بصورة طفلتها الغارقة في الصراخ والماء والدماء وهي تضرب بيدها الهواء وتجرب العالم الخارجي لأول مرة .
ربما ستحتفظ بنص غامض عن كل الدماء وكل العتبات التي تعمدها إمرأة ، وتنكر مثل امها ان يكون الماء هو بوابة العبور .
ربما ستفعل كل ذلك ، او تفعل امورا أخرى لا تشغلني الآن لأني أعرف أن فطرتها ستدلها ، هي الصغيرة التي بدات من تعويذة قديمة همست بها جدتها في ليلة باردة في مستشفى بعيد وقاس قبل أيام من غيابها ، تعويذة حفظتها في قلبي حتى تجسدت بين يدي ، طفلة عذبة لا يمكنني التوقف عن النظر لها وضمها حتى أتأكد انها حقيقية ، طفلتي التي ساعدتني خانة الأم في شهادة ميلادها  ، والكثير من الألم في مكان الجراحة ، وقلبي الذي تملأه ودموعي التي تسيل كلما تألمت أو عجزت عن جعلها تتوقف عن البكاء كأم ساذجة ، طفلتي التي ساعدني كل ذلك ان اصدق أنها تعويذتي الصغيرة التي جاءت من عالم الحكايات لتنصب كوخا وتشعل الحطب فيجئ الدفء ورائحة الطعام وصوت المحبة ،  ليغمر الرضا العالم ، وتخفت حدة الحزن في قلبي ، ويرتق وجودها هوة الفقد الكبيرة في روحي .
فأعرف أني ربما سأبقى تلك الفتاة الصغيرة التي تعبر بوابة عالم النساء وتشتري الحكايات وتبيعها ، وتفكر ان الدماء وحدها تبدو ملائمة لمقايضة التعاويذ
والحكايات .


Tuesday, November 18, 2014

مثل شتاء قديم




الفوضى المحببة التي تمتلأ بها روحي ، رائحة شتاء قديم ، وبرودة خافتة تسري من قلبي للعالم .. ملابس صغيرة مثل أحلامي يمتلأ بها المكان في إنتظار الوافدة الصغيرة ، يدي التي تتحسس أشيائها فيهاجمني شجن لا يحتمله قلبي .
الدموع التي تسيل أسهل لأن شيئا غامضا يعصر روحي ، ذلك المزيج بين الحزن والخوف والإنتظار وربما الكثير من الفرح الغارق في ألوان الشجن الكثيفة فلا يظهر منه  وسط الخليط إلا قطعا حمراء صغيرة تشبه حبات الفراولة التي تسافر في شلال من الحليب الأبيض ، الذي صار لونه وسيرته تسبب لي غثيانا ، لأن الكالسيوم الذي كان علىّ أن اتعرض له طوال الشهور الماضية قضى على علاقتي المحببة بالحليب لسنوات كثيرة قادمة .انا التي أزداد هشاشة ، فتتقضم  كلماتي على أعتاب الورق ، وينغرس صوتي في شوكة ضخمة معدة لتمشيط الأرض الخراب ، لكني استخدمتها مؤخرا لتقليب المكرونة الإسباجيتي في الإناء الكبير ، وتوزيعها على الصغار .انا التي أتكأ على المحبة وأمضي ، وأفكر انها ستحميني من الجنون عاما آخر .. وأن أثنان وثلاثون إبرة طبية محملة بالسائل الزيتي الأحمر كانت كافية للشهور الثلاثة الماضية لتخبرني أن طفلتي العنيدة المتشبثة ستكون ساحرة جديدة ، وستكرر كل ما كففت أنا عن الإيمان به .هي التي تحركت في أحشائي بفرح وزهو كما لم تفعل أبدا عندما سمعت صوت مدحت صالح يغني لها " ثلاث سلامات " وسط دهشتي لم أستطع أن أمنع نفسي من التجاوب معها والهمس لها " اصبري لما تسمعيها بصوت قنديل "هي التي عادت للحركة والنقر من الداخل بما يشبه نقرات الآلة الكاتبة التي أحبها ، وربما صوت لوحة مفاتيح ، وربما فقط بصوت انامها الصغيرة وهي تخربش في الداخل لتخبرني أنها سعيدة ، تفعل ذلك كلما مررت لها قطعة من الشيكولاته أو فصا من البرتقال  او قطعة من الجوافة – فاكهة النساء الأكثر جمالا- ..
الصغيرة التي تحب هذه الأشياء نقرت كثيرا بشكل ضبط ايقاع قلبي مع نقراتها عندما سمعت لاول مرة أغنية " عم بطاطا " لعلي الحجار .. بدأت الحركة مع الموسيقى وعندما قال " عم بطاطا ينط النطة يعبر سينا ويفتح عكا " كانت قد وصلت لقمة الاستمتاع .بقلب يرتجف ، وفم مفتوح من الدهشة كنت اراقب ما تفعله في الداخل ، وأخيرا استسلمت لانها ستحب الموسيقى وستتذوق الجمال .وربما سيكون لها قدرا يشبه هؤلاء الممسوسين بالمحبة ..بالفوضى المحببة التي تملأ روحي  ، وبشتاء قديم يشبه جدتي التي غابت ، وبقى منها في ذاكرتي صوت وشيش البخار في صباحات الشتاء البعيدة وصوتها العذب وهي تغني موالا شعبيا عن الحزن وحضن يشبه تماما حضن أمي الذي يتلقفني دائما ويخفيني من البرد في الشتاء ، ومن الحزن الذي لا ينتهي .بالفوضى المحببة التي تملا روحي ، وبشجن يمر من قلبي للعالم أتكأ على المحبة وأشياء الصغيرة التي تملأ المكان حولي وأمضي . 

Wednesday, August 13, 2014

خطوط بيضاء وصمت





تتجسد لي الكتابة هذه الأيام " كملاك حارس" ، تمضي جواري ، وتمسح عن روحي القلق ، وتخفف من حدة الحزن ، والدموع التي تنساب أسهل ، والحنين والفقد الذي ينمو بشراهة ، فلا يسعني إلا ان أتحسس قلبي وأجلس في صمت ، أعد مرات التنفس المنتظم وأحاول تجاوز نوبات الوجع .
أفكر ما الذي يجعل الحزن يخرج من تابوته " صندوق الحكايات " الذي أغلقته بقوة وعناية على كل ما اوجعني ، كيف يجعلني رحيل أمي القديم الذي كان منذ تسع سنوات أستيقظ في الليل لأتذكر ابتسامتها ، وكيف تفك علبة دواء تشبه ما كانت تتناوله غزل الأيام المنيع بيني وبين الذكريات .
أمر أمام المباني  والشوارع فأتذكر كل الراحلين ، وتتسع هوة الموت والفقد في قلبي ..
أفكر أن مشاهد الحرائق في مسلسلات رمضان كانت اكثر من الازم لدرجة تجعل القليل من الحزن محرضين للوقوف فوق سحابة تمر مصادفة جوار شرفتي  أمسك  بيد زجاجة من الكوكاكولا التي تمنعها عني الطبيبة فلا يتبقى لي غير أن اغنى لها اغنية الإعلان الذي هاجمه الكثيرون وأحببته أنا واحتفظت به في سلة الحكايات " ليحيي" قطعة الحلوى الأجمل التي ستجئ للعالم أو ربما للبنت التي أنتظرتها روحي أكثر من الازم وخططت للعب معها ومشاطرتها اللعب مع إيلي وعجوة وبيلا العرائس التي احبها واسحبها للفراش كثيرا في غفلة من محمد الذي ما ان ينتبه حتى تبتسم العرائس ابتسامة خجل وتنسحب من الفراش عائدة للحجرة الأخرى وهي تقول لي " اشوفك الصبح" .
امسك بيد زجاجة الكولا وباليد الأخرى شعلة كتلك التي يمسكها " أنديانا جونز " في مغامرة له مع مومياء ما .اسكبهما معا وأشعل النار في السحابة ، لتتحول لبخار وأقع من فوقها  لكني بدلا من الصراخ والخوف ، سينبت لي جناحان للطيران ، سأرتبك قليلا لكني في النهاية سأفضل العودة للأرض لأني لم أعد بعد الأرز الأحمر لوجبة السمك .
السمك الذي تقول الطبيبة أنه مفيد للذين يحملون قطعا من الحلوى في أحشائهم .. انا التي تحب السمك تأكله قليلا جدا منذ قالت الطبيبة ذلك .
لأنه في الحلم تزورني كل سمكاتي البرتقالية " افتقد سمكتي كانون " التي كانت هدية زواج اهداها لي محمد بعد يومين من زواجنا ، اتذكر أنها وجدت في الدورق ميتة ومقلوبة على ضهرها مثل كل الأسماك الخمسين الأخرى التي حصلت عليها  منذ احببت أن يكون لدي سمكة برتقالي .
دائما برتقالي من نوع الفانتيل ، ودائما واحدة .
ودائما تكون نهايتها جملة غير مكتوبة " وجدت ميتة ومقلوبة على ضهرها في الدورق ".
في المرة الأولى التي سألتني ملك عن سمكة كانت قد قلبت على ضهرها حديثا ، خشيت على براءتها من فكرة الموت كنا في رمضان منذ ثلاث سنوات ، أخبرتها ان السمكة غادرت لتزور امها وستعود بعد العيد . سألتني بخبث وذكاء "عن كيفية خروجها من الدورق " ! استعنت بسيناريو فيلم " نيمو " واخبرتها ان السمكة غادرت من الحمام وذهبت معها لهناك وفتحت صنبور الحوض وأشرت لفتحة الحوض وقلت لها غادرت من هناك وستعود في تاكسي بعد العيد .
بعد ايام جاءت ملك ووقفت مرة اخرى امام الدورق الفارغ ، ونظرت له بتأمل ثم قالت لي " ان السمكة لما تذهب لمامتها كما قلت ولكنها ماتت "
الموت الذي يعرفه الأطفال ، وأخاف أنا اوجاع فراقه .
زار جارة أبي ، السيدة البشوش العجوز التي تشي بجمال في شبابها لا يخطأه احد ، افترقت عن زوجها بعد زواج دام اربعين عاما ، غادرت بيته منذ شهور ، وجاءت للسكن في الشقة التي أمام بيت ابي .
كنت أحبها واراها تصلح للكتابة ، وكان أبي يعتنى بها ، ويحكي لي كلما زرته قطع بازل من ما قصته له عندما صادفها على السلم .
الجارة التي لم تنجب وتسميها الجارات " أم أحمد " اختفت من البيت منذ أسبوع ، ذهبت مع أخيها للمستشفى وجاء اخوها في صباح يوم جمعه ووضع ورقة عليها الدباجة ذاتها " وجدت في قاع الدورق مقلوبة على ضهرها ، أقصد أنتقلت الحاجة أم أحمد للرفيق الأعلى "
فكرت من اين نسب لها اسم أحمد وهي التي لم تنجب !
لكني احتفظت بباب بيتها جدارا جديدا سأقف عنده كلما وقعت عيني عليه لأقف لحظة واتحسس القطعة التي تؤلمني في روحي .  
بينما تمد لي الكتابة يدها كأي ملاك حارس ، وتأخذني في حضنها العظمي البارد وتهمس لي ان أكتب المزيد من الحكايات ربما أقاوم ذلك الموت الذي يئن في أعماق روحي ويتردد صداه في كل الليالي الساكنة كشاشة السينما بعد نهاية الفيلم .
الفيلم الذي أختار مؤخرا ان يكون عربي وكوميدي وسخيف ، لكي يزيح من عقلي فيلم المخرج الأسباني "  بدروا ألمودوفار" الذي جعل بطله يقف في نهاية فيلمه " القناع الذي أعيش داخله " يرتجف أمام أمه قائلا لها " اضطررت لقتل اتنين كي أعود اليك "
بينما قلت لنفسي اني وقعت في الفخ مرة ثانية مع هذا المخرج بعد فيلم " تحدث إليها " – كان الفيلم هذه المرة قاس وحزين أيضا .. الحياة تتحرك فيه وانت على الجانب الاخر من الشاشة لا يسعك سوى الصمت . تترك انطونيو باندريس يستعمل مشطره في التقطيع والتجميع ويصنع جلد بشري من دماء الخنازير ، ولا يفوتك كلما عبرت الكاميرا على ملامحه أن تفكر في الزمن الذي يسلبنا الشباب .
الزمن الذي يمنحنا ذكريات اختبرها كثيرا من مروا بهذا العالم قبلنا ، كأن يكون لدينا ذكريات عن ممثل كوميدي رافقت افلامه الصبا والطفولة واستيقظت ذات صباح لتجده قد انتحر" فتهمس لنفسك بغصب ودهشة " روبن ويليامز "! ذهب  ولحق بألبوم الصور الذي يتضخم في  مضيفا صفحات من البشر والأماكن والحكايات ، غادرت بلا رجعة ، وتركت في ارواحنا خطوطا بيضاء وصمت . 

Wednesday, July 23, 2014

حرب السعادة والفراولة والجنون





الغريب في الأمر أن الأثر الذي تركه فيلم مثل حرب الفراولة في قلبي ، بألوانه الباهته ونضارة وجه يسرا وقتها ، وشئ في رجولة ووقاحة وابتذال محمود حميدة في هذا الدور، العدل وهو يعالج ملله من الحياة بالمتاجرة بأحلام البشر  ، صوت العود وأغنيات الفيلم وكلمات أغنية السعادة التي تذكرني بصوت مزدوج  لي ولأمي يدوي في ذاكرتي كلما دندنت بها .
الأثر الذي امتد لفيلم عفاريت الأسفلت   وفيلم الأراجوز وصوت محمد منير في تتر مسلسل أطفال قديم شاهدته وانا صغيرة  فتعلق قلبي بذلك الصوت وبقى في روحي.
العود الذي يسرق قلبي من ضلوعي والبيانو في إضاءة الأوبرا وسلالم المسرح الكبير الذي صعدتها أول مرة مع أمي .
يحيي الفخراني الذي شاهدته مثل عملاق سحري على خشبة القومي ينسج لير من العدم ، اطبق على يد امي وتهمس مقطوعة الأنفاس من الإنبهار بأداءه " شايفة الجمال" ، المشهد الذي عاد كاملا أمامي بينما ارى ذلك العملاق يعيد مشهد العاصفة في مسرحية شكسبير وسط صحراء حارقة في مسلسل عبد الرحيم كمال .
ابتسم للزمن الذي يمر ، ولذائقتي التي تشبهني 
الخبل وعتمتي المتسعة ووحدتي في حجرة كبيرة ومشمسة في بيت العائلة القديم أجلس بين الكتب للقراءة ، أو مشاهدة الأفلام أو للكتابة ..
وأشعر أني مشوشة كما لم أكن ابدا ، وأن أحلامي تزدحم هذه الأيام بحكايات لم أختبرها بعد وبشر لم أقابلهم في حياتي ، ثقب أصاب ذاكرتي فأقحمت ما تعرف على ما تتخيل ، هاجمتني شخوص روايتي التي أخاصمها ومشت وسط أحبة وأصدقاء وموتى .
سار كل شئ في عقلي ، وحاصرني صوت وصورة في النوم .
النوم الذي حاصرني لاكثر من شهر بفعل هرمونات استقرار قطعة الحلوى السحرية  في أحشائي ، استقرت  بهدوء وتركت لي النوم والغثيان والكثير من الخيالات والهلاوس .
وأنا بيئة صالحة تماما لكل الخبل والخزعبلات ... بإمكاني الآن أن أملأ كراسة صغيرة من كل ما اختبرته في احلامي وقائمة طويلة بأسماء وصفات بشر مروا في تلك الخيالات .
الحكايات التي بدات تنبت في قلبي من جديد ، فاعرف مسار البشر والأيام في الرواية ، اكتب قليلا وأتلكأ في الوصول لأن حالة التكشف التي تمارسها الحكايات تتملكني تماما .
تدخلني دائرة بين بين ، حالة أكون فيها وسيطا بين العالم بسخفه ودراما رمضان السيئة جدا وإعلانات التسول التي تملئني بخوف وغضب ، شحنة من التحدي تشبه تلك التي يتبادلها متسولوا ميدان الحصري الجالسين أمام عتبة الحاتي الشهير متربصين  بزبائنه ، ولسان حالهم يقول بغضب" لماذا لا تشتري مني حزمة نعناع بجنية وأنت اشتريت منذ قليل طعاما بمبلغ يزيد عن مائتين جنيه "، الآخر يقول لنفسه "سأدفع بمزاجي ليست إتاوة "، لا يمكنك ان تمر على ذلك الرصيف دون أن تتربص بك تلك الطاقة .  
حالة البين بين تجعلني أحكي لأبي عن أمور لم أراها بعيني لكني عرفت انها حدثت بطريقة ما ، أبي الذي يخبرني بدهشة كبيرة أن ما تخيلته حدث قبل إتصالي به بساعة .
لم اتخيل وإنما رأيت في منامي ..
أطمئن الآن أن الجنون الذي يداعب عقلي مستقر هناك ويمضي بثبات نحو التحقق ، لا بيت يسنده عود ثقاب ، وأنا أسند منافذ روحي كلها بأعواد ثقاب اشتعلت من قبل وبقت رؤسها المحترقة السوداء دليلا ملموسا على ما حدث في تلك القلعة التي يقول لي رجل أحبه أنها غامضة ، أفكر أنها متربة قليلا بفعل الزمن  .  
امسك بميزان فرعوني قديم ذلك الذي اعتادوا استخدامه في وزن القلوب في الحياة الأخرى ، ووضعه محمد ناجي على باب حارة القمر في روايته البديعة " العايقة بنت الزين " والتي انهيتها في يومين بعدما أجهزت على رواياته " الأفندي"  في يوم ونصف / محمد ناجي الذي تنز كتابته متعة ولغة حلوة وعوالم بين بين ،مما يجعل الحكايات تشبهني في هذه الفترة ، الإختلاط المقلق بين الأسطورة ومصير الشخصيات ، والجنون المتربص بالإبمان بالأساطير البعيدة وتكرارها لتصبح هوسا ملازما للشخوص ، ميزان  الفراعنه في حارة ناجي أضع عليه خيبات العمر والخسائر الفادحة وحين أخفق في حسابها أترك كل شئ هناك كما هو ، وامسك سلة من الخوص وأجمع الورد وأنا أهتدي بالنجوم وأبحث عن القمر المكتمل في السماء .
يوقظني في الصباح صوت البحر وزرقة تملأ عيني ، فأعرف اني وصلت للمنطقة التي لم يدنسها أحد من قبل أتابع برعب الطريقة التي يلمس بها البحر السماء ، كيف يختلطا ويلتهم كل منهما من روح الآخر  .
أجلس على حافة العالم ، جلستي الأثيرة ، احدق في لاشئ ، أفكر في كل ما يشغلني ويربكني ، أجرب الصمت واستمع اليه ، ثم أعرف أنني في لحظة ما ربما أنهض لأكمل بقية الحكايات .



Saturday, April 26, 2014

المحبة والتخاطر ورغيف الخبز







يبدو الأمر كما لو كنت أدور في دائرة محكمة الإغلاق من العادات والسلوك ، والرغبات الطفولية والناضجة على حد سواء فلا فرق كبير بين ألم إشتهاء قطعة شيكولاتة والتوسل لأجل قطعة كتابة حلوة والغرق في حضن حبيب .
كلها لها نفس دقات القلب ، ونفس فوران الرغبة عن الحد المسموح به داخل إناء غلي الحليب ، كلها ستجعله يطفو ويفور ، كلها ستمنح صوت تأوه الحديد الساخن و الرائحة الحلوة لإحتراق وش الحليب مما يفقدك التركيز للحظة عن مصدر الرائحة الحلوة لدرجة تشعرك بالسكر على طرف لسانك في نفس لحظة ملامسته لأنفك .
الدائرة المغلقة من العادات ، والإحتياجات الإنسانية ذاتها ، المتشابهة في قلبي ، والتي تمد شفراتها دفقات السعادة لروحي .
الحالة ذاتها التي سيضعني بها صوت منير عند الحافة ، وستمسني بها يد حبيبي ، وستربت قلبي عندما أراجع الصفحات القليلة المنجزة في روايتي التي أصابني بسببها إخفاقا صغيرا في الأيام الماضية .
الحالة نفسها من التخاطر التي ستجعل صديقة ترسل لي صورة لنا معا أو تهاتفني أخرى أو ترسل لي رسالة من جملة واحدة فيها أنها تفكر بي !
كل ذلك اعرفه جيدا وأختبرته كثيرا في علاقتي الحميمة المقربة مع صديقاتي واصدقائي ورجال وفتيات عائلتي المقربين لقلبي ، كانهم جميعا على قلب رجل واحد في روحي .
التخاطر المحبب الذي يجعلني أجلس مع صديق يفكر أن يحكي لي عن شئ وما ان يفتح فمه ليتحدث ، ابتسم لاني عرفت فيبتسم ويصمت ، في حياتي كل هذا الجمال
عندما كانت أمي على قيد الحياة كنت أشتري لها كل يوم من السوق ما تنوي طهيه أو ما تريده ، دون أن اتصل لأسألها ، ولم تكن هي تستغرب ابدا ، درجة أنها ذات يوم كان ينقصها مكون لطبخة قررت فجأة ان تعدها ، وهمت أن تتصل بي على الهاتف ثم تراجعت وقالت لنفسها اني ساعرف ، والغريب أني عرفت عرجت على البائع دون أي تفكير وأشتريت المكون وعدت للبيت .
يحدث ذلك دائما مع قطعة قلبي الصغيرة وصديقي الأقرب والأطيب " طارق" نفعل معا كل شئ وبلا إتفاق مسبق ، نمرر يدنا على نفس صنف الطعام اذا ذهبنا لمطعم ما ونشير على نفس اللون في كتالوج الألوان الخاص بأي شئ ونشتري الأثاث ذاته الذي يعجب الآخر دونما إتفاق .. وبلا تفسير يحدث ذلك مع أبي الذي أطهو له ما فكر فيه بالأمس دون ان يخبرني ، ويشتري هو لي شئ يعرف انه سيعجبني دون ان يعرف أني مررت من هنا  بالأمس وفكرت اني سأشتري هذا الشئ لو مررت من هنا مرة أخرى .  
محبتي لأصدقائي التي تجعلهم يتحركون مثل قطعه بازل في دائرة روحي ، وأعرف اني أظهر في ذاكرتهم في نفس الوقت وبنفس الطريقة .
ومحمد الذي افاجئني كثيرا هذه الايام ، وأنا ابتسم عندما افكر فيه وكأني أقابله من جديد وأقع في حبه هذه المرة بطريقة رائقة ، صحيح أنها لا تحوي مفاجاة المرة السابقة لكنها تحمل هذه المرة ثقتي في تعويذتي .
 ابتسم عندما افكر أني قررت أن اتزوجه عندما اهداني طائرة ورقية  ، وأتذكر الأشياء الغالية على قلبي التي أشتراها للبيت بسبب الكتابة .
الكتابة التي تدمع عيني بسنتمنتالية طفولية كلما رددت إسمها ، لاني أتذكر كل الفرح الذي أهدتني اياه .. دموع تشبه ما يمكن أن أبكيه على ماركيز أو احمد فؤاد نجم أو سحابة كآبة كبيرة وصم بها روحي كتاب مثل " رواية جيشا " أو مسخ كافكا " أو جمال تعلق به قلبي كما رواية العالم لمياس أو كتاب " أنا فلليني " لذلك المخرج العبقري .
قلبي الذي يحمل حبا كبيرا لدائرتي الدافئة من البشر والكتب والأفلام مثل " أسود مستعملة " أو " سمكة كبيرة " أو حتى " ماء للفيلة " وغيرها مئات الأفلام .
طقوس التبادل بيني وبين أصدقائي من الكتب والأفلام والحكايات .. مبادلتي مع محمد الكتب ، وسرقتي لكتب من مكتبته بدافع العناد أن اقرا ما يرشحه لي دون ان افعل ذلك امامه ، وطريقته هو في إختلاس كتبي بينما انا نائمة ، دون أن يحرص على إخفاء أثار فعلته .
العالم الذي أحبه وأظنه يحبني وطاقات الخير والمحبة التي يمدني بها الجميع ، والخبز الذي يشتريه محمد في اللحظة ذاتها التي أعرف أنه ينقصني .
ابتسم ببلاهة لا يلاحظها هو في سرعته للظهور أمامي ، يترك الخبز أمامي ويشير لسيارة صديقه ان يتمهل في العبور ، يلوح لي  بيده ويغادر بينما اقف في الشرفه ابتسم وافكر أن خيط المحبة والتخاطر ورغيف الخبز يمتد بيني وبين كل من احب .

Sunday, February 16, 2014

الطريقة غير المثلى للتعامل مع هذا الجزء من القلب ...





                                                                                          الصورة للفنانة  سحر عبد الله

هذا الجزء من العام  يملأ قلبي بالعاطفة ، تجتاحني مشاعر من مر عليها سنوات تطبق بيدها على دفء شعاع شمس ، وإبتسامة من القلب ، ولحظات كثيرة رائقة ، وحزن لا تنسى شفتيها مذاقه مهما اختبرت روحها الفرح .
في مثل هذه الحرارة أو المطر أو رائحة التراب تمرر لي ذاكرتي الكثير من الحكايات التي سقطت بفعل القدم والتوقف عن استهلاكها ، قصص المراهقة وحيل البنات والحب الذي كان ، والذي غادر ، والذي بقى .
فوضى الإرتباك ، وحكايات العمر كلها تبدأ من أيام كان لها نفس رائحة التراب والهواء والشمس وربما رائحة الجسد الذي منحته لي أمي وهي تغادر .. فأصبح عليّ كلما اشتقت حضنها أن أغطس بأنفي في رائحة جسدي أو رائحة الجلباب الأزرق الذي احتفظ به منذ أن خلعته عنها آخر مرة لترتدي الكفن .
ليست أمي ولا رائحة الشوق والموت والمحبة هي ما أردت الكتابة عنه ، ولا حكايات العمر او رائحة الأيام ولا أمنيتي التي كانت بصنع طفلة لها نفس اسمي وملامحي ودلالي الطفولي السخيف .  
الطفلة التي اشتري لها الملابس ، وأحتفظ بقطعه من أشياء كل طفل أحبه لها ، نفضت اليوم الحقيبة الصغيرة التي احتفظ فيها بملابس صغيرة لأطفال رأيتهم يكبرون أمامي ، وضعت لأحدهم حفاضا أو حكيت له حكاية قبل النوم او كنت حاضره عندما نطق اسمي لأول مرة وهو يختبر صوت الحروف في فمه .. أطفال عائلتي وأصدقائي الذين يتركون لي قطعه من ملابسهم كتميمة وتعويذة حصولي على طفل يخصني .. لا أعرف لماذا ملئتني تلك الحقيبة اليوم بهذا الشجن ، الشجن الذي يخص رائحة الهواء والحنين والفقد والمنح الإلهية وعطايا القدر الذي هو دائما سخي معي .
 ربما اردت فقط أن أكتب عن رقصة البطاطس المهروسة ، كنت اشاهد فيلم قديم لميريل ستريب ، ووقف ولد صغير يرقص كأنه اداة هرس البطاطس وكان الخاطر الذي جاءني صحيح تماما لأن الرقصة كان اسمها رقصة البطاطس المهروسة  .
أداة هرس البطاطس تلك تشبه المثلث الذي يكفي نقرة صغيرة منه بآلة معدنية – شوكة مثلا – لتفوح رائحة الفرح , لم استطع أن أمنع ابتسامة عميقة سكنت وجهي وانا  اتمتم باسم الرقصة ، انهض من مكاني وأجربها وأضحك من قلبي .
قلبي الذي يوجعني وأوجعه لكننا رفاق عمر ويعرف كل منا أننا ورغم كل المرات التي خذل كل منا الآخر سننجو ، احدنا يعرف الطريق والآخر يثق به .
في اليوم التالي أعود للوقوف أمام فاترينات بيع ادوات المطبخ ، بعد قرار غير معلن بأني سأتوقف عن شراء أدوات المطبخ .
المطبخ الذي ينقذني طوال الوقت من الموت من الحزن ، ومن الوحدة .. لأن الله مس روحي ، وهمست لي الجنيات الصغيرة بأن أطهو ، تذكرت ذلك كله يوم عيد الحب بينما يتجمع كل من أحب حول مائدة صنعت أصنافها بيدي ، طاقة الحب التي أحملها لهم ويردونها لي ابتسامات على وجوههم تكفيني لأيام طويلة ، تدفئني وتملئ قلبي بالعاطفة .
انا التي لم أكتب ما رغبت حقا في كتابته لأنه كان قبيحا كتلك المشاعر التي تملئني أحيانا ، وتورطني في منطقة من العالم تتعطل فيها إشاراتي وطاقتي .
وأدرك اني لو جربت تحويل مشاعري هناك لكتابة لخرجت لا تشبهني ولأفسدت ذلك الجزء من القلب الذي أعرفه ويعرفني . 
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner